هندسة السماء في حديث حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم

مقدمة:

يبين هذا البحث كيفية احتواء كلام الحبيب محمد عليه الصلاة و السلم على علوم هندسية لم تكن معروفة لدى البشر في وقت بعثته عليه الصلاة و السلام و هي كما سأبين هنا غير معروفة بالكامل حتى في زماننا هذا مما يدل بالحجة العلمية و المنطقية على أنه عليه الصلاة و السلام رسول من الله للناس أجمعين و أن الله عز و جل هو الذي أوحى إليه القرآن و علمه عليه الصلاة و السلام.

هندسة الكواكب من حديث الحبيب محمد:

الحديث الذي سأتدبره في هذه المقالة هو التالي:

روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: "النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد و أنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهبت أصحابي أتى أمتي ما يوعدون". مسند الأمام أحمد

حيث أن التفكر فيما قال حبيبنا محمد هو الطريقة المثلى لمعرفة العلم الذي يحتويه قول محمد صلّى الله عليه و سلم و ليس فقط سرد الأحاديث بدون تدبر لها، حيث إذا تدبرنا قول حبيبنا محمد في: (النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد)، نجد بأنه يخبرنا بأن النجوم أمنة (أي أمان و حفظ) للسماء فيمكننا الاستنتاج من هذا بأن النجوم تحفظ السماء و هذا يعني بأن النجوم تحفظ اتزان السماء بحفظها لاتزان الأجسام في السماء.

لفهم هذا الأمر أكثر يجب علينا أن نفهم بأن النجوم (مثل الشمس) توّلد مجال جاذبية يؤثر على الأجسام في مجال النجمة عن طريق توليد قوة تجذب الكوكب إلى الشمس، كما هو مبين في صورة (1).

هندسة السماء في حديث حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم Ejaz23-1

صورة (1): جذب الشمس للأرض نتيجة مجال جاذبيتها.

لاتزان الأجسام في السماء يجب أن تكون هناك قوة مساوية بالمقدار و معاكسة بالاتجاه لقوة جذب النجمة للكوكب و هذه القوة هي قوة الطرد المركزية الناتجة من دوران الكوكب بسرعة دورانية حول الشمس كما هو مبين في صورة (2).

هندسة السماء في حديث حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم Ejaz23-2

صورة (2): اتزان الكوكب بفعل تساوي قوة الجذب و القوة الطاردة المركزية.

فنجد صدق قول حبيبنا محمد صلّى الله عليه و سلم في أن النجوم أمان للسماء، فلولا وجود النجوم لما اتزنت الأجسام في السماوات. و إذا أكملنا قول المصطفى: (فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد)، نجد بأن المصطفى عليه السلام يخبرنا كيف سينتهي الكون و يخبرنا من مشاهد يوم القيامة في أن النجوم ستذهب (فإذا ذهبت النجوم) حيث نتعلم من هذا بأن الله عز و جل سيطفئ النجوم و ستذهب في آخر الزمان و عند اقتراب يوم القيامة و هذا من منظور هندسي يؤدي إلى بعثرت الكواكب لأن الشيء الذي يحفظ اتزان الكواكب الآن هو التوازن بين قوة شد النجمة لها و قوتها الطاردة المركزية، فإذا ذهبت قوة شد النجمة للكوكب نتيجة انطفاء النجمة أي ذهابها ستنفلت الكواكب من أماكنها و تتبعثر في السماء كبعثرة الحجارة، كما هو مبين في صورة (3).

هندسة السماء في حديث حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم Ejaz23-3

صورة (3): تبعثر الكواكب نتيجة طمس النجوم و ذهابها.

فإذا عندما يبعث الله البشر يوم القيامة و ينظرون إلى السماء سيجدوا فيها الكواكب مبعثرة مثل الحجارة، و هذا الحال ذكره المولى في سورة المرسلات : (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) و سورة الانفطار – آية (2): (وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ). و هذه المعرفة حول أحوال يوم القيامة غير معروفة بكافة علوم الناس في زماننا هذا.

فنلاحظ إخواني و أخواتي المعرفة المحتواة في حديث محمد صلّى الله عليه و سلم و هذه المعرفة تظهر بشكل جلي في زماننا هذا بحيث تتفوق على السمة الغالبة للناس في هذا الزمان و هي المعرفة بحيث أن هذا الإعجاز في قول الحبيب محمد يُفهم بالسمة الغالبة للناس و لكنه متفوق عليها مما يبين بالدليل العلمي بأن محمد عليه الصلاة و السلام هو رسول الله و أن علمه هو وحي من المولى كما يبين لنا ذلك الحق في سورة النجم – الآيات (3-5): (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى).