رؤيا تاريخية

إن الباحث في أدراج التاريخ الإنساني يجدها حاوية لأخبار جمة عن أحداث صنعها الإنسان في تجارب ماضية لعب فيها أدوار مختلفة تراوحت بين أن يكون هو المستعمر أو أن يكون هو المستعمر و بين أن يكون هو الظالم المستبد أو أن يكون المظلوم المستضعف

وهو التاريخ أيضا الذي حكى لنا كيف استطاع الإنسان أن يسيطر على حتميات الطبيعة بعلوم شتى وهو أولا و ليس آخرا الذي سيظل يحكي لنا مسيرة الإنسانية في مخضاتها بين الانتصار و الانهزام ... ونحن إذ نؤمن بدور التاريخ وما سيقدمه لنا كخطوة حراكية نحو تحقيق مشروع نهضة أمتنا : بإعادة غربلة أحداث ( التاريخ الإسلامي ، التاريخ الإنساني ) بشقيها الإيجابي و السلبي نستخرج منها الطريقة ؛ نستخدم المبادئ .. المسلمات العقلية .. نوافي صانع الحادثة ( مفكرا كان ، أو قائدا سياسيا، أو جنديا ، أو عالما ، أو طبيبا ، أو مهندسا ، أو معلما ، أو حتى عاملا بسيطا ،...إلخ ) بشرح روحه الابتكارية وما يسبقها من تحليل وتفسير و تخطيط وتدبر ملهم يفضي بالإنسان الذي يعيش الحاضر و يريد أن يبني المستقبل النهضوي إلى إعادة المجد بروح يمررها من الماضي و يسير بها وبتجربة شعورية عالية الهمة : يتخذ فيها سلاحي الروح العلمية ( التفسير الموضوعي ، الوضعي ) كأساس ينقب به عن النماذج التي يستطيع أن يكررها لأنها قد تحقق له النتائج الإيجابية في مختلف المجالات ( الفكرية ، السياسية ، الاقتصادية ) التي سيحقق بها خطته النهضوية .. لكن القارئ النهضوي يستطيع أن يتجنب الذكرى التاريخية .. حين تؤدي به إلى محصول أقل إيجابية أو عندما تعطيه الفكرة الحاضرة أكلا خيرا من الفكرة الماضية وقس على ذلك كل الطرائق و النماذج و الأفكار والأشياء والمشاعر دون أن نخلط بين الأصول والفروع فيما نؤمن ونعتقد وكذا بما نتميز و حتى لا نوغل في التفكير كيف عاش أناسنا في الماضي و نتغنى بمنجزاتهم .. علينا أن نفكر و نبدع في رسم المستقبل الذي هو بدوره سيكون ماض لأولادنا و أحفادنا من الجيل المنشود و في ذلك الحين لاغير فقط سيكتب عنا التاريخ نفسه" كان أجدادنا صناع مشروع النهضة من المسلمين في الألفية الثالثة هم أصحاب الفضل في إرساء العودة الجديدة للأمة"... َفلربما سيولد عصر جديد يسمى بعصر ما بعد النهضة.