فهم الوقت و نسبيته بهدي القرآن

مقدمة:
كون الوقت نسبي أي أنه يعتمد على الذي يختبره و يحس به شيء ذكره المولى عز و جل في القرآن الكريم في أكثر من موقع و منها آية (5) من سورة السجدة (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ)، حيث يبين الله عز و جل في هذه الآية الكريمة أن أمور الخلائق تعرج (أي تصعد) إليه في فترة زمنية (يوم) وهذه الفترة الزمنية ذاتها من منظور البشر هي ألف سنة. إذا يعلمنا الله عز و جل أن الزمن غير ثابت من عدة مناظير و يعلمنا المولى عز و جل أيضا أن الوقت هو شيء نسبي يعتمد على الذي يختبر ذلك الوقت و يشعر بأثره عليه، في هذه المقالة سأبين إن شاء الله تعالى كيفية فهم الوقت و نسبيته عن طريق التفكر في آيات القرآن الكريم بحيث يمكن لأي إنسان فهم هذا الأمر في حين أنه من الصعب جدا فهمه من قراءة كتاب في الفيزياء.
فهم ماهية الوقت من الاهتزاز:
لفهم نسبية الوقت علينا أن نفهم في المقام الأول ماهية الوقت (أي ما هو المقصود بالوقت)، يمكننا معرفة الإجابة عن طريق التفكر في الآية (39) من سورة فصّلت (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، حيث نجد بأن الحق في هذه الآية الكريمة يربط بين الاهتزاز و النمو (اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) حيث نتعلم من هذا بأنه ليكون هناك حياة و نمو يجب أن يكون هناك اهتزاز.
يمكن تمثيل الاهتزاز من منظور علمي بمتغيرين و هما المقدار و الذبذبة كما هو مبين في صورة (1)، حيث يمثل مقدار الاهتزاز ارتفاع الموجة الاهتزازية و تمثل الذبذبة السرعة في انجاز الدورة الاهتزازية.
فهم الوقت و نسبيته بهدي القرآن Ejaz19-1

صورة (1): تمثيل موجة اهتزازية.
و في خلق الله عز و جل الاهتزاز هو الأساس للحياة حيث أنه كلما زاد مقدار الطاقة الاهتزازية زاد حجم المخلوق، فنجد بأن الله عز و جل وضع مركب الكولاجين في المخلوقات و هذا المركب بدوره يهتز و يوّلد مجال كهرومغناطيسي و هذا المجال يحفز الخلايا لإنتاج المركبات اللازمة لجسم المخلوق كما هو مبين في صورة (2).
فهم الوقت و نسبيته بهدي القرآن Ejaz19-2

صورة (2): اهتزاز مركب الكولاجين لتوليد مجال كهرومغناطيسي في جسم الإنسان.
فنلاحظ بأنه كلما زاد عدد مركبات الكولاجين في جسم المخلوق يزداد مقدار الاهتزاز في جسم ذلك المخلوق و بالتالي يزداد حجمه، فنلاحظ بأن جسم الإنسان يحتوي على عدد أكبر من مركبات الكولاجين مقارنة بجسم القط على سبيل المثال.
أما من ناحية الذبذبة فكلما زاد مقدار الذبذبة قل الزمن اللازم لإنهاء أي علمية حيوية، فعلى سبيل المثال كلما زاد مقدار ذبذبة مركب الكولاجين في الجلد من جرّاء تزويده بطاقة حرارية أو مغناطيسية فإن الزمن اللازم للشفاء و ترميم الجلد يقل، و بالتالي يمكن معرفة ماهية الوقت من هذا المثال في أن الوقت هو المدة اللازمة لإنجاز وظيفة معينة. و الذبذبة هي التي تعطي تعريف للوقت.
نسبية الوقت:
بعد توضيح أن الذبذبة تحدد المدة اللازمة لإنجاز مهمة معينة (أي الزمن) يمكن أن نفهم بأنه كلما زادت ذبذبة المركبات المكونة لجسم المخلوق قل الزمن اللازم لإنجاز هذا المخلوق لأية مهمة. و أورد هنا مثلا و هو المعالج الدقيق في جهاز الحاسوب فكلما زادت ذبذبة المعالج أي زادت حركات الترانزستور المؤلفة له قل الزمن اللازم لإنجاز مهمة معينة كما هو مبين في صورة (4).
فهم الوقت و نسبيته بهدي القرآن Ejaz19-3

صورة (3): تقليل الزمن اللازم لإنجاز الوظائف بزيادة ذبذبة المعالج.
و لتوضيح هذا الأمر أكثر إذا أخذنا مثال الملائكة، فالله عز و جل خلق الملائكة من نور أي أن أجسام الملائكة تتألف من وحدات طاقة لها ذبذبة أكبر بكثير من ذبذبة المركبات المكونة لجسم الإنسان و بالتالي الفترة التي يحتاجها الملك للقيام بوظيفة معينة تكون أقل بكثير من الفترة التي يحتاجها جسم الإنسان للقيام بذات الوظيفة، و هذا الاستنتاج مبين في سورة المعارج – الآية (4) (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ). يبين المخطط الموضح في صورة (5) نسبية الزمن بين الملائكة و الإنسان.
فهم الوقت و نسبيته بهدي القرآن Ejaz19-5

صورة (4): نسبية الزمن بين الملائكة و الإنسان.

و يستطيع الإنسان أن يحس ذلك فلو كان في سيارة مسرعة و مر بجانب سيارة أخرى ذات سرعة قليلة جدا فإنه يشعر و كأن السيارة الأخرى متوقفة و أنه في ذات المدة الزمنية فإنه يقطع مسافات كبيرة مقارنة بالسيارة الأخرى.
فهم وظيفة ملك الموت (عزرائيل):
يمكننا بعد هذا الفهم عن الزمن و نسبيته فهم كيف يقوم ملك الموت (عزرائيل) بوظيفته، فإنه كما قلت من قبل يتألف جسمه من ضوء أي وحدات طاقة لها ذبذبة كبيرة جدا مقارنة بالإنسان و بالتالي عندما يتوفى عدد كبير من البشر في الأرض في ذات الوقت فإن ذلك في نظر عزرائيل يحدث ببطء شديد جدا و بالتالي يستطيع أن يحصد أرواحهم بكل يسر و سهولة لأن الذي يستغرق البشر انجازه في خمسين ألف سنة يستطيع عزرائيل القيام به في يوم واحد و بالتالي البشر و حركاتهم من منظور عزرائيل هي حركات بطيئة للغاية و بالتالي يستطيع أن ينجز أمر كثير مثل حصد أرواح مئات الآلاف من البشر في ذات اللحظة.
كن فيكون:
بيّنت بحمد الله عز و جل كيفية قيام الملك بوظيفته و أوردت في هذا مثال ملك الموت (عزرائيل) فما بالك بخالق الملائكة (الله عز و جل)، فالله هو القوي و هو أقوى من أي مخلوق من مخلوقاته فبالنسبة لله لا يوجد فترة زمنية لانجاز أي شأن من شؤونه و لكن كل شيء من منظور المولى هو كائن و هذا يبينه الحق في سورة البقرة – الآية (117) (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ)، و هذا أيضا يبين قول الحق في سورة الحج – الآية (47) (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ).
فنلاحظ إخواني و أخواتي مدى سهولة فهم لزمن و نسبيته بهدي القرآن و هذا من جوانب إعجاز القرآن و تصديقا لقول الحق في سورة القمر – الآية (17) (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ)، كيف أن الله يسّر القرآن للفهم و لكن لهجر غالبية الناس القرآن و عدم اهتمامهم لما يريد الله أ، يعلمهم منه فيجدوا أنفسهم في جهل كبير و عدم قدرة على الفهم.
زيد قاسم محمد غزاوي

شكرا بارك الله فيك وجزاك كل خير